
أزمة المسلخ البلدي بقفصة: احتجاجات المواطنين متواصلة في انتظار الحلول
تتواصل شكاوى مواطني مدينة قفصة ومتساكني حي “الدوالي” على وجه الخصوص حول الوضعية التي اعتبروها “كارثية للمسلخ البلدي، مما يسبب عديد المشاكل على مستويات مختلفة بلدية وصحية وأمنية”.
وباعتبار أن تنظيم التصرف في المسلخ البلدي ناجم عن توحيد جهود أطراف متعددة لضمان توفير جودة عمله عملا بمبادئ الحوكمة الرشيدة على غرار التشاور والشفافية، حاولنا تشريك جميع الأطراف المتدخلة لطرح هذا الموضوع.
فما هي أبرز المشاكل التي يخلفها هذا المسلخ؟ وفيما تتمثل أهم مطالب متساكني الجهة؟ وهل تكرس بلدية قفصة هذه المبادئ؟
بلدية قفصة: المسلخ نقطة سوداء
جدير بالذكر أن المسلخ البلدي مسألة راجعة للبلديات باعتبارها السلطة التي تتولى متابعته ومراقبته وفقا لقواعد الحوكمة الرشيدة.
توجهنا إلى بلدية قفصة المدينة حيث استقبلنا رئيس بلدية قفصة حلمي الهاني في مقر البلدية، الذي أكد “أن المسلخ البلدي بقفصة نقطة سوداء على المستوى البلدي منذ سنوات، حتى أنها كانت النقطة الأساسية في مختلف البرامج الانتخابية لعديد القائمات”.
ست سنوات.. والأزمة متواصلة
تعود وضعية المسلخ البلدي الحالية إلى ما قبل سنة 2015، حيث طالب المواطنون السلط المعنية بنقل المسلخ إلى مكان بعيد عن العمران باعتباره يتوسط حيا سكنيا، ويسبب عديد الأضرار على غرار التلوث. فإلى جانب الأوساخ التي تخلفها الحيوانات والدماء وبقايا الذبائح، أصبحت الساحة التي تجاور المسلخ مصبا للنفايات تحت مسمى نفايات المسلخ البلدي حتى أن متساكني الأحياء المجاورة استغلوا هذا الأمر.
ومع انتقالنا على عين المكان، رصدنا هذه المشاكل وتحدثنا إلى بعض متساكني الجهة. على نحو عام عبر حمزة أحد متساكني الحي “عن استيائه من وضعية المسلخ، الذي يتسبب في كوارث بيئية في المنطقة ويساهم في نشر التلوث والأمراض، حسب قوله. مشددا “أن الظروف المعيشية سيئة في هذا الحي بسبب موقع المسلخ غير المناسب”.
وفي حديثنا مع بقية المتساكنين، أكد مصطفى “أن عملية الذبح والسلخ لا تحدث في ظروف ملائمة وذلك بسبب إهمال ولامبالاة عمال المسلخ، إلى جانب رداءة الأدوات التي تستعمل في هذه العملية، مضيفا أنها لا تتطابق مع معايير الصحة والجودة المتعارف عليها بالإضافة إلى انتشار الحشرات والقوارض مما يهدد صحة وسلامة المستهلك”.
مسلخ منتهي الصلاحية!
وفي هذا الصدد، توجهنا إلى منظمة الدفاع عن المستهلك الفرع الجهوي بقفصة، حيث أقر رئيس المنظمة محمد البراهمي، “أن المسلخ البلدي غير صحي ولا يوجد به المرافق الضرورية حتى على مستوى البنية التحتية ولم يعد صالحا للعمل به وفقا للمواصفات المعمول بها، فهو لا يملك إدارة مستقلة بل تحكمه جهات معينة، حتى أن الطبيب البيطري لا يقوم بعمله على أحسن وجه.
وأصبحت عملية المصادقة على اللحوم الصالحة للاستهلاك بيد أطراف متعددة وليس الطبيب البيطري فقط، وذلك من أجل تسريع عملية نقل اللحوم إلى الخواص، حسب آخر معاينة للمنظمة منذ شهرين”. كما أكد البراهمي أنه طرح هذه “الظروف المزرية” في اجتماعات مراقبة الأسعار والمسالك مع اللجان الاقتصادية الموجودة في الولاية بحضور ممثلين عن الصحة وممثلين عن البلدية لكن إلى حد الآن لا توجد استجابة.
تجاوزات بالجملة
لم تقتصر مشاكل المسلخ البلدي على الجانب الصحي والبيئي والبلدي فقط، بل بلغت حد التقصير في أداء المهام والتسيب. هذا ما أكده رضا أحد المواطنين بقوله أن “حارس المسلخ لا يقوم بدوره على أكمل وجه، فتحول المسلخ إلى مكان يحلو فيه السهرات المتواصلة وشرب المشروبات الكحولية إلى آخر الليل مما ينجر عنه شجارات صاخبة وتهافت بالعبارات البذيئة مما يقلق المواطنين ويهدد أمنهم”.
وانتقلنا إلى المسلخ البلدي للتحدث مع الحارس الذي أنكر الاتهامات الموجهة إليه وأكد أنه يقوم بعمله على أحسن وجه مثله مثل بقية العاملين معه، متابعا “نحن نقوم بعملية التنظيف والتعقيم عشية كل يوم حسب المواد المتوفرة لدينا، رغم الظروف الصعبة التي نعاني منها، من أهمها الانقطاع المتواصل للمياه وسوء البنية التحتية للمسلخ التي تخرج عن نطاق مهامنا”.
الحل قيد الدراسة
أعلن رئيس بلدية قفصة حلمي الهاني أنه “تقرر تخصيص كل المبلغ الخاص ببرنامج الاستثمار لسنة 2021، لإنجاز الجزء الأول من مسلخ جديد ذو مواصفات محددة بعيد عن المناطق السكنية ويراعي مواصفات النظافة والجودة والمحافظة على البيئة”.
وأضاف الهاني أن “مشروع المسلخ البلدي الجديد في طور الدراسة، إذ ستبدأ الأشغال مع بداية السنة القادمة 2022، حيث أنه تم تحديد موقعه وميزانيته المبدئية التي تقدر بمليار وأربع مائة ألف دينار وهي قابلة للارتفاع إن لزم الأمر، وستسعى البلدية إلى إيجاد شراكات أخرى لإتمام الكلفة المتبقية”.
المجتمع المدني بالمرصاد ولكن..
أفاد الناشط بالمجتمع المدني في قفصة عبد الحليم كامل، “أنه غير متفائل بإيجاد حل لمشكلة المسلخ في الوضع الراهن وذلك بعد المحاولات المتواصلة لإيصال وضعيته الصعبة خلال اجتماعات المجالس البلدية دون وجود حلول فعلية على أرض الواقع، حيث أن الاقتراحات التي قدمها المجتمع المدني تحولت إلى مجرد وعود”.
وتحدث كامل عن المسلخ النموذجي المحدث في بلدية توزر مؤخرا والذي “وصفه بالمسلخ الآلي باعتبار أن الأعوان العاملين هناك لا يتكبدون عناء أي عملية بل يقومون بالمعاينة فقط، آملا أن يكون المسلخ الجديد لمدينة قفصة مطابقا للمواصفات النموذجية”.
وتضل وضعية المسلخ البلدي بقفصة رهينة الإرادة الحقيقية والفعلية للبلدية من جهة ومواصلة ضغط ومراقبة الأطراف المتضررة والمجتمع المدني من جهة أخرى من أجل تحقيق الإفادة الجماعية عملا بأحكام الحوكمة الرشيدة في تسيير المرافق العمومية.
إشراق المؤدب